من السهل عليك وأنت تتجول فى أرض الرباط أن تلتقى بزوجات وشقيقات وأمهات الشهداء والمرابطين حيث تكاد تلحظ أن لكل عائلة فى فلسطين شهيداً أو جريحاً أو مرابطاً ... ولكل قصته وحكايته ... والأمر المألوف فى فلسطين أن يخرج الشاب إلى الجهاد ولملاقاة العدو دون أن يخبر أححد بموعد عمليته البطولية فمن الصعب على الأب والأم أن يودع ابنه للشهادة ...
لكن فى حوارنا هذا نجد أنفسنا نجلس مع شخصية فريدة حرصت أن تربى أبناءها على القتال وحب الشهادة وأن تزرع فيهم الحرص على ملاقاة العدو والنيل منه ـ حيث أن لها مع كل شهيد قصة مختلفة ، ولكن العامل المشترك فى قصصها مع أبنائها الشهداء هى حرصها على أن تلبس ابنها درع الشهادة وتسجل معه وصيته قبل العملية وتوصيه قبل الخروج بأن يثخن فى العدو وأن يحسن قتاله وتقسم على ابنها ألا يرجع إليها إلا وقد قتّل ودمّر فى العدو ثم وقد نال الشهادة ...
إنها أم الأبطال أم الشهداء المجاهدة الصابرة المحتسبة " خنساء العصر وفلسطين " ( أم نضال ) النائبة فى البرلمان التشريعى الفلسطينى :
* نود أن نتعرف على المجاهدة " أم نضال " فى سطور ....
الإسم : مريم محمد محيسن ، اللقب " أم نضال فرحات " ... امرأة فلسطينية من وسط الشعب الفلسطينى من مدينة غزة ومن مواليد غزة ... من الطبقة الوسطى فى غزة .
أفخر بأننى مسلمة فلسطينية أعيش على أرض الرباط والجهاد وأفخر بأننى أم لشهداء وأم لجرحى وأم لأسرى وأعتز بإسلامى وإيمانى وأعتز بهويتى الإسلامية العربية الفلسطينية ... وأنا أعيش لست لنفسى وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفقنى لذلك بل أعيش لدينى وإسلامى وكلنا استعداد لأن نموت ونفنى من أجل أن نفى هذا الدين وأن ترتفع راية لا إله إلا الله فوق ربوع الأرض كلها إن شاء الله وليس فلسطين فقط .
* شعورك أم نضال وأنت ترين معظم أبناء الشعب الفلسطينى يقدمون الشهداء والبعض الآخر يستمرون فى تقديم التنازلات يوماً بعد يوم ويفخرون بهذه التنازلات ولا يشعرون بالحياء مما يفعلونه ....
طبعاً الحمد لله أن الكثير هم الذين يعيشون حياة الرباط والشهداء على أرض فلسطين ويقدمون التضحيات ويقدمون الأرواح والمهج والأنفس والدماء فى سبيل الله ، بل ويتهافتون ويتسابقون على هذا ... وإن كان هناك ثلة من هؤلاء الناس الذين لم يفهموا معنى هذا الإسلام الذين ينتمون إليه ونقول هداهم الله وندعو لهم بالهداية ، وإن لم يهتدوا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يريحنا منهم .
* كلمة تقولينها لأهل غزة المحاصرين ....
طبعاً الحصار هو صعب على النفس وأضرار الحصار حقيقة دخلت إلى كل بيت .. وهذا مؤلم جداً لشعبنا الفلسطينى وقد تضرر من الحصار شرائح كبيرة جداً من المجتمع وخاصة وأكثر الشرائح التى تضررت الناحية الصحية فكثير منهم قد مات من قلة الدواء والأغذية وخاصة وأنا يؤلمنى جداً ـ بصفة شخصية ـ جرحانا الذين تضرروا من الإحتلال وقصف الإحتلال وكثيراً منهم قد قطعت أطرافهم وبترت أيديهم وأرجلهم وإصابات كبيرة جداً وأنا أعرف جميع من أصيبوا من الإجتياحات الصهيونية أو عن طريق قصف الطائرات ... هؤلاء جميعاً حياتهم مهددة فعلاً بفعل الحصار .. مهددون بالموت فى كل ساعة كل لحظة وهم ليسوا قلة .. بل هم بالآف .. هذا أكثر ما يؤلمنى فى موضوع الحصار .
أنا فى بيتى ـ بصفة شخصية ـ يأتى إلىّ كل يوم أناس من المحتاجين وهو قد وصلوا إلى ما دون الصفر ... والله منهم من لا يجد الخبز ولقمة عيشهم من هنا وهناك .
نحن نعرف أن الهدف من هذا الحصار هو تركيع هذا الشعب .. هو تركيع وافشال الحكومة التى يسمونها حومة حماس وهى فى الواقع حكومة الشعب الفلسطينى كله ، ولكن أنّى لهم ذلك ؟؟!!
سنصبر على الحصار مهما فعل بنا الحصار حتى لو متنا جميعاً فإننا لمبادئنا ولثوابتنا التى لن نحيد عنها قيد أنملة بإذن الله .
فمهما كان الضرر سيصل حتى الموت ولكننا ثابتون راسخون على مبادئنا إن شاء الله .
لا يمكن لا يمكن للعدو الصهيونى ومن والاهم من بنى جلدتهم أن ينالوا من عزيمتنا قيد أنملة .
* كلمة تقدمينها للحكام العرب الذين يرون الأطفال كل يوم يموتون بسب نقص فى الدواء وهم يصرفون آلاف
بل ملايين الدولارات فى شراء الطائرات الجديدة وفى السفر والتنزه والبعض الآخر ربما يقضون عطلة نهاية الأسبوع
فى اسرائيل على ضفاف ضفتنا المحتلة ...
مهما قلنا فى حقهم والله الكلام قليل جداً ولن يفى بما يتطلب هذا الموضوع .. ولكننا لا زلنا عندنا الأمل إن كان فيهم البقية من نخوة العروبة والإسلام .
وأقول لهم اكفروا بهذه الطواغيت ، اكفروا بهذا الصنم بوش ومن والاه .. أحضان شعوبكم هى أدفأ لكم من هذا المحتل وهذا العدو الذى يستهدف كل مسلم ومسلمة ويستهدفهم هم الآخرون ـ فلماذا يرتموا فى أحضانه ؟؟ ـ هل ينقصكم المال إن كان هناك نقص مال والله لدينا من الثروات العربية ما يغنينا عن العالم كله ـ بل نحن الذين نجود على العالم بثرواتنا وخيراتنا .
فالعالم العربى ملئ وغنىّ بالثروات التى تغنينا عن هذا العالم الذى ليس لنا منه إلا العداء والهجوم الشرس على الإسلام والمسلمين .. فإن كان لا زال هناك بقية من أمل عند هؤلاء الحكام فليعودوا إلى شعوبهم وهم عزة لهم والله وهذا أجزى لهم وسيجدون الخير كل الخير والله ، فلا زالت أمامهم وقفة تاريخية ليسجلوا فى تاريخهم وقفة مشرفة .
* كلمة تقدمينها لشباب هذه الأمة ....
طبعاً أملنا الكبير هو فى الشباب ، فالشباب هم عماد المجتمع وهم خيرة الأمة وهو الذين نلقى عليهم عليهم مسؤلية نهضة الإسلام عامة وأقول لشباب الإسلام :
يا شباب الإسلام افهموا دينكم جيداً وارجعوا إلى ربكم ولا تلهثوا وراء هؤلاء الكفار { ولا تتخذوا الكافرين أولياء من دون الله } ...
جودوا بعلمكم بأوقاتكم بأعمالكم بسلوككم بأموالكم بل بكل ما تملكون ... جودوا للإسلام ، هذا الإسلام العظيم يستحق منا كل الجهود فلتتظافر كل هذه الجهود .
ونحن اليوم ونحن نواجه هذه الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين يتطلب منّا جهود الجميع وجهود الخيرين ، ولا زال الخير فى الأمة الحمد لله كثير وكبير جداً .
ونحن لا نعول إلا على هؤلاء الشباب المؤمن ولا نعول على المتخاذلين ، ولكننا نعول ونراهن على شبابنا وشباب أمتنا من المخلصين والمخلصات طبعاً سواء كانوا رجالاً أو نساءً .. فنحن نراهن عليهم ألا يخذلونا ... ولن يخذلونا أبداً ما دام فيهم عرق الإيمان ينبض .
* كلمة تودين أن توجهينها إلى الشعوب الأوروبية وفئات المجتمع والجمعيات الأهلية فى أوروبا ....
طبعاً المجتمع الأوروبى والمجتمع العالمى والدولى أينما كان : ـ
كيف ينظرون إلى قضية فلسطين ؟؟ ألا ينظرون بعين العقل مرة واحدة ؟؟!! إنهم ينظرون بإزدواجية فى الأمور وينحازون إلى الجانب الإسرائيلى وهم يعرفون أنه ظالم بمعنى كلمة ظالم .
يعرفون ومتأكدون أنه محتل ولكنهم ينحازون إليه .. فلماذا لا ينحازون إلى الحق ؟؟!! ولكن هناك من شعوب العالم شرفاء أحرار لا يرضون بالظلم فكيف يرضون على ظلم شعب بأكمله ؟؟
نطرد من أرضنا ثم يمارس علينا الظلم بهذه الطريقة الهمجية !! يعنى نحارب فى كل يخطوها الشعب الفلسطينى .
وهناك مثلاً على سبيل المثال الجندى الأسير الصهيونى " شاليط " قامت الدنيا كلها لأجل هذا الأسير ولكن لا أحد ينظر إلى ما يقرب من " 14 ألف " سجين من شبابنا هؤلاء لم يسجنوا إلا لأنهم يدافعون عن أنفسهم وأوطانهم ، ونقول لهم :
من هو الإرهابى ؟؟!! هل الذى يحتل الأرض ويطرد الشعب ويظلم ويقهر ويخرب ويدمر أم هذا الذى هو صاحب الأرض الشرعى وصاحب الحق ويدافع عن حقه ؟؟!! ... من هو الإرهابى ؟؟!!
* كيف ربيت أولادك على الجهاد ... ؟
فى الحقيقة لست أمتاز على النساء بأى شئ ، مثلى مثل باقى النساء المسلمات الملتزمات والحمد لله وهذا طبعاً فخر لى بأن أكون من هذا الوسط الملتزم الفلسطينى ، وأبنائى كباقى ابناء فلسطين لايمتازون عنهم بأى شئ والحمد لله الملتزمين كثر والمجاهدين كثر وأبنائى بضعة منهم .
ولكن أود أن أركز على شئ واحد .. هو مبدأ عشت عليه وسأظل إن شاء الله ثابتة على هذا المبدأ وهو من صميم دينى حتى نلقى الله عز وجل عليه .. وأريد أن تفهم أخواتى المسلمات أينما كنّ أن من أرادت رضا الله سبحانه وتعالى سواء فى نفسها أو فى أبنائها وتربية أبناءها فلتلتزم بالإسلام ليس شيئاً يزيد عن الإسلام .. الإسلام هو الإسلام كما هو ، بل نحن لا يمكن كبشر ـ نخطأ ونصيب ـ أن نعمل بكل ما يمله الإسلام علينا .. ولكن بقدر الإستطاعة إذا فهمنا الإسلام بمعناه الحقيقى وعشنا له وربينا أبناءنا عليه فهذا هو الخط الصحيح والمنهج الواضح .
فكثير من الناس يفهمون من الإسلام نوع معين من الإسلام يحصرونه فى دائرة العبادات مثلاً وهذه دائرة ضيقة ولو أنها هى الركيزة والأساس فى الإسلام ولكن هى تعتبر ضيقة لمفهوم الإسلام الشامل .. لكننا إذا فهمنا أن الإسلام هو الحياة نفسها فقد سرنا فى الخط الواضح الصحيح والمنهج الربانى الصحيح لم نزد على الإسلام بأى شئ فأولاً المسلمة يجب أن تكون صالحة فى نفسها ثم تورث هذا الصلاح وهذا الإلتزام إلى أبنائها بالتربية وخاصة وهم صغار أن تربى فيهم مبادئ الإسلام وتغرسها غرساً جيداً فيهم وتحرص على ذلك ويكون همها الأوحد أن يكون هؤلاء الأبناء صالحين بكل ما تعنى الكلمة وتعمل على ذلك .
وأنا أريد أن أصور هذه الحالة بمشهد يمكن أن تصفه الأمة المسلمة فى مخيلتها دائماً .. أن تتصور ابنها يسير نحو حفرة من النار .. كيف ستحافظ على هذا الإبن من النار فلتعمل كل وسيلة لتحافظ على ابنها من الوقوع فى حفرة من النار .. هذا هو المثال الصغير الذى لو وضعناه فى مخيلتنا فسنعرف كيف سنربى أبنائنا .
أما الناحية الجهادية إذا كان المقصود منها من السؤال ، فالناحية الجهادية تأتى تبعاً للناحية الإسلامية .. فإذا ربينا هؤلاء الأبناء على الإسلام وكل ما يتطلبه الإسلام فالجهاد جزء لا يتجزأ من العقيدة مثله مثل باقى الواجبات الإسلامية الآخرى وبذلك عندما يتربى الطفل على ذلك وهو صغير على هذه المبادئ فسيشب عليها بكل سهولة ويسر إن شاء الله ولكن حرص الأم على ذلك يجب أن يكون شديد بما يتطلب منّا إسلامنا العظيم إن شاء الله .
الأمر ليس سهلاً فعندنا من العوامل التى تواجه هذه المبادئ وهذه التربية الإسلامية كثيراً جداً من الفساد والإنحراف وواقعنا الذى نعيش فيه اليوم خاصة فى هذا الزمن الذى انتشرت فيه وسائل الإباحية والفساد والتقنيات والتكنولوجية سلاح ذو حدين فيجب علينا أن نختار وأن نميز الإختيار وهذا الأمر هو التمييز بين الحق والباطل والفساد والصلاح .. هذا نريد أن نغرسه فى أبنائنا غرساً بحيث يسرى منهم مسرى الدم .. فبهذا إن شاء الله نصل إلى الفلاح نحن وأبناءنا وكل من يعيننا .
* بعد إستشهاد أبنائك ... كلمة توجهينها إلى العدو تقولين له من خلالها أننا لم نضعف ولن نمل وأننا على الدرب ماضون سائرون بإذن الله ....
نحن نعرف أن العدو يمارس هذا السلوك علينا والوحشية التى تفوق كل تصور .. هذه الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين وعلينا بالذات نحن الشعب الفلسطينى .
نقول : مهما حاولتم أن تقهروا هذا الشعب وأن تقهروا فيه الإرادة والصمود والله لن يصلوا إلى ذلك أبداً { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } ...
ونحن على يقين إن شاء الله أننا لايمكن بأى حال من الأحوال أن ننهزم أمام هذه التحديات وأمام هذا العدوان الهمجى سنصبر نقتل جميعاً نموت جميعاً ليحيا إسلامنا العظيم ولتحيا أمتنا ولتحيا فلسطين محررة إن شاء الله بّنه تعالى والأقصى .
مهما اشتدت الهجمة مهما اشتد العدوان فنحن إن شاء الله صابرون ثابتون وهذا ما يمله علينا ديننا إن شاء الله سنظل كذلك كالجبال الرواسى لن تهزنا الأعاصير ولا التحديات التى نواجهها أبداً ولن نهزم أمام هذا العدو بأى وسيلة من الوسائل إن شاء الله .
* أمنية للمستقبل القريب ... وأمنية آخرى للمستقبل البعيد ...
للمستقبل القريب أتمنى أن يكلل الله عزّ وجل جهودنا ومقاومتنا بالنصر بإذن الله تعالى ويتحرر الأقصى وتتحرر فلسطين .. طبعاً فلسطين التاريخية كلها من الأرض إلى النهر . والأمنية الكبيرة هى أمنية الحياة كلها أن يرضى الله عنّا إن شاء الله .
هناك تعليقان (٢):
السلام عليكم
حمدا لله على سلامه عودتك
حوار رائع والاسئله حلوه تشتغلى صحفيه ان شاء الله بقه
ننتظر باقى الحوارات
ههههههههه
انا والله بغبط كل من ذهب إلى هذه الأرض المباركة والتقي بهذه النماذج الشامخة
واحيطك علما بأن مدونتى تحول اسمها من سعيا للجنة إلى على فين يا مصر؟؟
إرسال تعليق